الثلاثاء، 16 سبتمبر 2008

كلاكيت تانى مرة بناءا على رغبتى!!!

القصة الجميلة دى نشرتها الدستور للكاتبة الشابة المبدعة هدى جمال وانا نزلتها عندى من كذا شهر بس ماخدتش حقها , علشان كده نزلتها تانى يالا شوفوها وقولوا رأيكم.

عين وذيل
قبض علي يدها بجفاء. بنبرة عطاء زائفة أخبرها أنه يريد إهداءها حقيبة، فلتذهب معه لتختارها بنفسها، فهو يجهل ذوقها في الحقائب. أبدت امتنانها الشديد له...كانت ذاهلة بالفعل لأول مرة تبدر منه نية أن يهديها شيئا، فطوال شهرين -هي فترة خطبتهما- لم يكترث أن يجلب لها ولو وردة يقطفها من شجيرة علي جانب الطريق...لم تسعها الفرحة بشيء بسيط كهذا، فتزّينت وارتدت أحلي ما لديها بمناسبة الحدث النادروكانت أولي مفاجآت اليوم.... فقد أصرّ بعناد علي أن المحل الذي ترتاده والدته هو الذي سيذهبان إليه «لاختيار» الهدية! حاولت إثناءه عن هذا القرار بلباقة شديدة، فهي لا تريد أن تضيع فرصة الهدية المزعومة بين اختيارات لا تناسب ذوقها البتّة.وبعد جهد جهيد ومداولات عقيمة أفسدت القدر الكبير من حلاوة الهدية، وافق علي مضض.... رأت في عينيه شرارة امتعاض، علمتْ جيداً أن جذوتها لن تنطفئ بسهولةولجا محلّها المفضّل، أخذت تجوب بعينيها بين مجموعة التصاميم الجديدة لذلك الصيف... تعلّقت بحقيبة بسيطة وأنيقة، يثير لونها الزهريّ بهجة زهر الربيع... أشارت إليها بلهفة طفلة موعودة، تناولتها وأخذت تستعرضها علي كتفها بسعادة... وحين نظرت إليه باحثة عن نظرة إعجاب ودعم لاختيارها، لم تر غير تلك النظرة المشمئزة بلا مبرر واضحأشار إليها أن تعيدها إلي مكانها فطرازها «شبابيّ» لا يليق بها وهي «سيدة» علي مشارف الزواج! عقدت الدهشة لسانها، وأخذت تعيد حساب عمرها مستعينة بتاريخ ميلادها، فهي تذكر أنها لم تتعدّ الثانية والعشرين، فكيف يضعها في هذا الإطار السخيف بعيدا عن حقيقتها كشابة لا تزال تنبض بالحيوية وتشعّ روحها بالألوان.... ربما لا يزال يخشي وهم فرق العمر بينهما متمثلا في عشر سنوات، يصرّ علي أن يجعله هوة سحيقة ترزح بينهما فلا يبالي أن يتخطّاه لأجلهابعينين ملآي بالخيبة تعيد الحقيبة إلي مكانها... تلتقط حقيبة ثانية، وثالثة، فيرمقها بنفس نظرات الرفض... لا تدري إن بقي في فمها آثار لحلاوة «هدية» أضحت مفروضة عليها بكل المقاييس، فتمنّت لو لم يقرر أن يهديها شيئا، فلا هو يستشعر ذوقها فيختار لها أجمل ما تقع عليه عيناها، ولا أعطاها حق الاختيار الذي زعمه بادئ الأمر، تركها معلّقة بين ضفتي تعنّت أحمق....بيأس قاتل، اختارت حقيبة كئيبة بائسة، علمت مسبّقا أنها ستعجبه، فقد بدأت تستشعر أن هناك هوة سحيقة بالفعل بين منظور كل منهما للون الحياة... أخذها ليدفع الثمن، وراحت هي تجوب أرجاء المحل فقط لتهرب من نظرات عينيه وعلامات النصر المزيّف تلوح منهما...لمحت ركنا لحليّ الفضة التي تعشقها، أخذت تمتّع نظرها بمشاهدة الخواتم المزدانة بفصوص العقيق والفيروز والعنبر، أعجبها واحد ذو تصميم مميز، بتلقائية شديدة خلعت خاتم الخطوبة من يدها اليمني كي تجرّب الجديد... رآها تفعل ذلك، فثار طوفان غضبه، نهرها بشدّة أمام البائع، لم يكفّ عن التعنيف حتي أعادت الخاتم إلي يدها، احتبست في عينيها دموع الخذلان والتحرّج مختلطة بفيض من الدهشة والتساؤلات الحائرة، هي بالتأكيد لم تقصد ما يس إليه، فقط هي اعتادت أن تجرّب أي خاتم جديد في يدها اليمني، كيف يتعلّق بشيء ماديّ كهذا ويتجاهل في ذات الوقت معان أسمي وأرقي لمفهوم الارتباطهنا أحسّت أن الخاتم ما هو إلا كأصفاد الأسير، لا تجرؤ أن تخلعها حتي وإن بعثت في روحها الألمرغم ذلك، حاولت طوال الطريق أن تسترضيه بكلمات الشكر والعرفان علي «الهدية» التي ترقد علي المقعد الخلفي كجثة ثقيلة شائهة.. لم تصدر التفافةحاولت الاقتراب منه في حنان، عانقت ذراعه، فدفعها بقوة وأخبرها أن تكف عن مثل تلك الحركات فلا يصح أن تبدر منها في الطريق العام ......هكذا عصفت بها أحداث ذلك اليوم الكئيب وهي واقفة تحت المطر حاملة مظلتها، ترمق تلك القطّة الضعيفة، تلك المخلوقة الواهنة تحاول بيأس أن تحتمي من زخّات المطر تحت صندوق القمامة... تري نظرة الحزن تشعّ من عينين من بلّور رماديّ صاف، يرتعش جسدها، يتبلل شعرها فيلتصق بجسدها فيبدو أكثر نحولا وضعفا...تري ذيلها ملتفا بجانبها، تتذكّر القطط الصغيرة في بيت جدتها القديمعلّمتها جدّتها أن «القطة قد تبدو ضعيفة، في عينها انكسارات حزن من معاملة سيئة... يجوّعها صاحبها، يحبسها في غرفة، تظل حاملة للإساءة بداخلها، حتي تأتي اللحظة التي يطأ فيها علي ذيلها، لا تظل منكسرة مخذولة، تهيج لكرامتها وتطلق مخالب حادّة كانت مختبئة في كفــّيها الصغيرين»أعادت النظر للقطة المبتلّة، وحيدة، مرتعشة، تحتمي بقعر صندوق قمامة، ترضي بذلك كله، لكنها -كما تقول جدّتها- قد تتحوّل إلي لبوءة إن اقترب أحدهم من ذيلها... تودّ لو تنتشلها من ذلك كله، فتصحبها إلي البيت، تعدّ لها فراشاً وثيراً، وطبقاً من اللبن الدافئ وربما علبة من سمك التونة... غير أنها تعلم أن والدتها لن تدع قطة تدخل المنزل...عادت مسرعة، التقطت سماعة الهاتف، قرعت أرقاما مكررة تحفظها وتمقتها، أخذ قلبها ينبض كالطبل مع كل دقّة جرس، سمعت صوته الخالي من كل إحساس.. حسمت ترددها « تعال وخذ أصفادك»...كعادته لم يفهم. «خاتمك الذهبيّ. لا أعوزه في شيء الآن... لم يعد مقاسي» حاول أن يستمهلها ويعرف السبب المفاجئ.... صمتت قليلا و في ثقة قالت «إلا ذيل القطة يا هذا... إلا ذيلها....»وأغلقت الهاتف....

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

القصة رائعة في مضمونها وصياغتها الفنية ..ولكن لو أننا أردنا النظر إلي الموضوع كحالة اجتماعية فسوف اقول لبطلة القصة .. عندما يمن علينا ذوينا بالهدايا او بما هو حق من حقوقنا فلا بد ان نرفض.. فمنذ اللحظة الأولي حينما اراد ان يفرض عليها المكان الذي يبتاعون منه الحقيبة كانت لابد ان ترفض بصنعة لطافة وتشعره بأن الهدية لابد ان يكون لها حرية الاختيار المطلق فيها . وتجد انه اختار ايضا نوع الهدية وهذا مرفوض بعض الشئ .. وبرغم بساطة الفتاة إلا انها اخطأت عندما رأت منه امتعاضا لاختيارها الاول ولم تكتف بذلك بل طاوعته واختارت ما لا يتوافق وذوقها !!هنا الخلل
كانت لابد وان تشعره انها لا تحتاج لهدية طالما كان هذا اسلوبه معها وتصر أنها أرقي من أن يفرض عليها نوع وشكل وموديل الهدية .. كما كان لابد ان ترفض ان يضعها في إطار لا يتناسب معها .. ويكون الرفض بشكل يجعله ينظر إلي ذاته المريضة ليصلحهاوشعر أنه مع شخصية مؤثرة ترفض بشكل إيجابي .. أي بالشكل الذي يجعله يراجع نفسه ويلومها علي تعنته وتعجرفه وقلة ذوقه مع فتاته الرقيقة.. فالرفض فن.. واستخدام الكرامة فن .. وتعليم الاخر ذوقيات الحياة بأسلوب غير مباشر فن.
الشكر كل الشكر للطبيب الواعد
تحياتى

mido g يقول...

شكرا أستاذة نبيلة غنيم لتشريفك لمدونتى بالزيارة

تحفظك على شخصية الفتاه و طريقتها فى محله ولكن فارق العمر لصالح خطيبها جعله يتسلط عليها بشخصيته المريضة مستغلا اهتزاز شخصيتها فى البداية.

تحياتى